فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والحاصل أن من كذب بالحجة النيرة، والبرهان الواضح، قبل أن يحيط بعلمه، فهو لم يتسمك بشيء في هذا التكذيب، إلا مجرد كونه جاهلًا لما كذب به غير عالم به، فكان بهذا التكذيب مناديًا على نفسه بالجهل بأعلى صوت، ومسجلًا بقصوره عن تعقل الحجج بأبلغ تسجيل، وليس على الحجة ولا على من جاء بها من تكذيبه شيء:
ما يبلغ الأعداء من جاهل ** ما يبلغ الجاهل من نفسه

قوله: {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} معطوف على: {لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ} أي: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه، وبما لم يأتهم تأويله، أو هذه الجملة في محل نصب على الحال، أي كذبوا به حال كونهم لم يفهموا تأويل ما كذبوا به، ولا بلغته عقولهم.
والمعنى: أن التكذيب منهم وقع قبل الإحاطة بعلمه، وقبل أن يعرفوا ما يؤول إليه من صدق ما اشتمل عليه من حكاية ما سلف من أخبار الرسل المتقدّمين، والأمم السابقين، ومن حكايات ما سيحدث من الأمور المستقبلة التي أخبر عنها قبل كونها، أو قبل أن يفهموه حق الفهم، وتتعقله عقولهم، فإنهم لو تدبروه كلية التدبر لفهموه كما ينبغي، وعرفوا ما اشتمل عليه من الأمور الدالة أبلغ دلالة على أنه كلام الله، وعلى هذا فمعنى تأويله ما يؤول إليه لمن تدبره من المعاني الرشيقة، واللطائف الأنيقة، وكلمة التوقع أظهر في المعنى الأوّل: {كذلك كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ} أي: مثل ذلك التكذيب كذب الذين من قبلهم من الأمم عند أن جاءتهم الرسل بحجج الله وبراهينه، فإنهم كذبوا به قبل أن يحيطوا بعلمه، وقبل أن يأتيهم تأويله: {فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة الظالمين} من الأمم السالفة من سوء العاقبة، بالخسف والمسخ ونحو ذلك من العقوبات التي حلت بهم، كما حكى ذلك القرآن عنهم، واشتملت عليه كتب الله المنزّلة عليهم.
قوله: {وَمِنهُمْ مَّن يُؤْمِنُ بِهِ} أي: ومن هؤلاء الذين كذبوا بالقرآن من يؤمن به في نفسه، ويعلم أنه صدق وحق، ولكنه كذب به مكابرة وعنادًا.
وقيل: المراد: ومنهم من يؤمن به في المستقبل، وإن كذب به في الحال، والموصول مبتدأ، وخبره منهم: {وَمِنْهُمْ مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ} ولا يصدّقه في نفسه، بل كذب به جهلًا كما مرّ تحقيقه، أو لا يؤمن به في المستقبل، بل يبقى على جحوده وإصراره.
وقيل: الضمير في الموضعين للنبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقد قيل: إن هذا التقسيم خاص بأهل مكة، وقيل: عام في جميع الكفار: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بالمفسدين} فيجازيهم بأعمالهم، والمراد بهم: المصرّون المعاندون، أو بكلا الطائفتين، وهم الذين يؤمنون به في أنفسهم، ويكذبون به في الظاهر، والذين يكذبون به جهلًا، أو الذين يؤمنون به في المستقبل، والذين لا يؤمنون به.
ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم إن أصرّوا على تكذيبه واستمرّوا عليه: {لّى عَمَلِى وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ} أي لي جزاء عملي ولكم جزاء عملكم، فقد أبلغت إليكم ما أمرت بإبلاغه، وليس عليّ غير ذلك، ثم أكد هذا بقوله: {أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِئ مّمَّا تَعْمَلُونَ} أي: لا تؤاخذون بعملي، ولا أؤاخذ بعملكم.
وقد قيل: إن هذا منسوخ بآية السيف كما ذهب إليه جماعة من المفسرين.
وقد أخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ} يقول: سبقت كلمة ربك.
وأخرج أبو الشيخ، عن الضحاك، قال: صدقت.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد، في قوله: {أَم مَّنْ لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يهدى} قال: الأوثان.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن زيد، في قوله: {وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لّى عَمَلِى} الآية، قال: أمره بهذا، ثم نسخه، فأمره بجهادهم. اهـ.

.التفسير الإشاري:

.قال نظام الدين النيسابوري:

التأويل: {قل من يرزقكم} أي من ينزل من سماء النفس مطر الهواجس ويخرج من أرض النفس نبات الأفعال والأعمال، وينزل من سماء القلب مطر أثار فيض الروح ويخرج من أرض النفس نبات الصفات البشرية والحيوانية. أو ينزل من سماء الروح مطر فيض الروح ويخرج من أرض القلب نبات الأوصاف الحميدة، أو ينزل من سماء القدرة مطر تجلي الصفات والفيض الرباني ويخرج من أرض الروح المحبة والأخلاق الإلهية، أو ينزل من سماء الذات مطر تجلي الصفات ويخرج من أرض الوجود نبات الفناء في الله وثمرات البقاء بالله: {أمن يملك السمع والأبصار} فيكون سمعه الذي به يسمع، وبصره الذي به يبصر.
{يخرج الحي من الميت} النفس من القالب والقلب من الروح والروح من القلب وبالعكوس: {ومن يدبر} أمر الإنسان بالتربية من التراب إلى أن يصل إلى رب الأرباب. فسيقولون هذه الأحوال كلها من الله فقل لمن بلغ نظره إلى هذه المراتب العلية وإنها عتبة باب التوحيد والمعرفة: {أفلا تتقون} بالله من غيره لتدخلوا بيت الوحدة: {كذلك حقت كلمة ربك} هكذا جرى القلم في الأزل على الذين خرجوا عن قبول فيض النور حين رش على الخلق من نوره: {وتفصيل الكتاب} وتفصيل الجملة التي هي مكتوبة عنده في أم الكتاب وهو علمه القائم بذاته: {وربك أعلم بالمفسدين} الذين أفسدوا استعدادهم الفطري والله أعلم. اهـ.

.قال الألوسي:

ومن باب الإشارة في الآيات: {وَإِذَا أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً مّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ في ءاياتنا} وهو احتجابهم عن قبول صفات الحق وذلك لأنه بتوفر النعم الظاهرة والمرادات الجسمانية يقوي ميل النفس إلى الجهة السفلية فتحتجب عن قبول ذلك كما أنه بأنواع البلاء تنكسر سورة النفس ويتلطف القلب ويحصل الميل إلى الجهة العلوية والتهيؤ لقبول ذلك: {قُلِ الله أَسْرَعُ مَكْرًا} بإخفاء القهر الحقيقي في هذا اللطف الصوري: {إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} [يونس: 21] في ألواح الملكوت: {هُوَ الذي يُسَيّرُكُمْ في البر والبحر} أي يسير نفوسكم في بر المجاهدات وقلوبكم في بحر المشاهدات، وقيل: يسير عقولكم في بر الأفعال وأرواحكم في بحر الصفات والذات: {حتى إِذَا كُنتُمْ في الفلك} أي فلك العناية الإزلية: {وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيّبَةٍ} وهي ريح صبا وصاله سبحانه: {وَفَرِحُواْ بِهَا} لايذانها بذلك وتعطرها بشذا ديار الأنس ومرابع القدس:
ألا يا نسيم الريح مالك كلما ** تقربت منا زاد نشرك طيبا

أظن سليمى خبرت بسقامنا ** فأعطتك رياها فجئت طبيبًا

{جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الموج مِن كُلّ مَكَانٍ} وذلك عاصف القهر وأمواج صفات الجلال، وهذه سنة جارية في العاشقين لا يستمر لهم حال ولا يدوم لهم وصال، ولله در من قال:
فبتنا على رغم الحسود وبيننا ** شراب كريح المسك شيب به الخمر

فوسدتها كفى وبت ضجيعها ** وقلت لليلى طل فقد رقد البدر

فلما أضاء الصبح فرق بيننا ** وأي نعيم لا يكدره الدهر

{وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} أي أنهم من الهالكين في تلك الأمواج: {دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} بالتبري من غير الله تعالى قائلين: {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هذه لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين} [يونس: 22] لك بك: {فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ في الأرض بِغَيْرِ الحق} وهو تجاوزهم عن حد العبودية بكسرهم في جمال الربوبية، وذلك مثل ما عرا الحلاج وأضرابه ثم أنه سبحانه نبههم بعد رجوعهم من السكر إلى الصحو على أن الأمر وراء ذلك بقوله جل وعلا: {الحق يا أيها الناس إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ} [يونس: 32] أي أنه يرجع إليكم ما ادعيتم لا إليه تعالى فإنه سبحانه الموجود المطلق حتى عن قيد الإطلاق كذا قالوا.
وقال ابن عطاء في الآية: {حتى إِذَا رَكِبُواْ} مراكب المعرفة وجرت بهم رياح العناية وطابت نفوسهم وقلوبهم بذلك وفرحوا بتوجههم إلى مقصودهم: {جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} أفنتهم عن أحوالهم وإرادتهم: {وَجَاءهُمُ الموج مِن كُلّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ} أي تيقنوا أنهم مأخوذون عنهم ولم يبق لهم ولا عليهم صفة يرجعون إليها وأن الحق خصهم من بين عباده بأن سلبهم عنهم: {دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} [يونس: 22] حيث صفى سبحانه أسرارهم وطهرها مما سواه: {فَلَمَّا أَنجَاهُمْ} أي ردهم إلى أوصافهم وأشباحهم ورجعوا إلى ما عليه عوام الخلق من طلب المعاش للنفوس انتهى.
وكأنه حمل البغي على الطلب وضمنه معنى الاشتغال أي يطلبون في الأرض مشتغلين بغير الحق سبحانه وهو المعاش الذي به قوام أبدانهم، ويشكل أمر الوعيد المنبئ به: {فَنُنَبّئُكُمْ} [يونس: 23] إلخ على هذا التأويل وما قبله لأن ما يقع في السكر لا وعيد عليه وكذا طلب المعاش، وانظر هل يصح أن يقال: إن الأمر من باب حسنات الأبرار سيآت المقربين؟ ثم أنه سبحانه مثل الحياة في سرعة زوالها وانصرام نعيمها غب اقبالها واغترار صاحبها بها بما أشار إليه سبحانه بقوله جل وعلا: {كَمَا أنزلناه} [يونس: 24] إلخ وفيه إشارة إلى ما يعرض والعياذ بالله تعالى لمن سبقت شقاوته في الأزل من الحور بعد الكور فبينما تراه وأحواله حالية وأعوامه عن شوائب الكدر خالية وغصون أنسه متدلية ورياض قربه مونقة قلب الدهر له ظهر المجن وغزاه بجيوش المحن وهبت على هاتيك الرياض عاصفات القضاء وضاقت عليه فسيحات الفضاء وذهب السرور والانس وجعل حصيدًا كأن لم يغن بالأمس وأنشد لسان حاله:
قف بالديار فهذه آثارهم ** نبكي الأحبة حشرة وتشوقًا

كم قد وقفت بهنا أسائل مخبرا ** عن أهلها أو صادقًا أو مشفقًا

فأجابني داعي الهوى في رسمها ** فارقت من تهوي فعز الملتقى

{واللَّهُ يَدْعُو إلى دَارِ السلام} وهو العالم الروحاني السليم من الآفات.
{وَيَهْدِى مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [يونس: 25] لا شعوب فيه وهو طريق الوحدة.
وقد يقال: يدعو الجميع إلى داره ويهدي خواص العارفين إلى وصاله أو يدعو السالكين إلى الجنة ويبدي المجذوبين إلى المشاهدة: {لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ} وهم خواص الخواص: {الحسنى} وهي رؤية الله تعالى: {وَزِيَادَةٌ} وهي دوام الرؤية، أو للذين جاؤا بما يحسن به حالهم من خير قلبي أو قالبي، المثوبة الحسنة من الكمال الذي يفاض عليهم وزيادة في استعداد قبول الخير إلى ما كانوا عليه قبل، وقد يقال: الحسنى ما يقتضيه قرب النوافل والزيادة ما يقتضيه قرب الفرائض: {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ} أي لا يصيبهم غبار الخجالة ولا ذلك الفرقة: {أُوْلَئِكَ أصحاب الجنة} التي تقتضيها أفعالهم: {هُمْ فِيهَا خالدون} [يونس: 26] ثم ذكر سبحانه حال الذين أساءوا بقوله جل شأنه: {والذين كَسَبُواْ} [يونس: 27] إلخ وأشار إلى أنه على عكس حال أولئك الكرام: {الظالمون وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} في المجمع الأكبر: {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ} منهم وهم المحجوبون الواقفون مع الغير بالمحبة والطاعة: {مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} قفوا جميعًا وانتظروا الحكم: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} أي قطعنا الأسباب التي كانت بينهم: {وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} [يونس: 28] بل كنتم تعبدون أشياء اخترعتموها في أوهامكم الفاسدة: {فكفى بالله شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لغافلين} [يونس: 29] لم نطلبها منكم لا بلسان حال ولا بلسان قال: {هُنَالِكَ} أي في ذلك الموقف: {تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ} أي تذوق وتختبر: {مَّا أَسْلَفَتْ} في الدنيا: {وَرُدُّواْ إِلَى الله مولاهم الحق} المتولي لجزائهم بالعدل والقسط: {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} [يونس: 30] من اختراعاتهم وتوهماتهم الكاذبة وأمانيهم الباطلة.
ثم ذكر سبحانه مما يدل على التوحيد ما ذكر، والرزق من السماء عند العارفين هو رزق الأرواح ومن الأرض رزق الأشباح، والحي عندهم العارف والميت الجاهل: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّا} [يونس: 36] ذم لهم بعدم العلم بما يجب لمولاهم وما يمتنع وما يجوز ولا يكاد ينجو من هذا الذم إلا قليل، ومنهم الذين عرفوه جل شأنه به لا بالفكر بل قد يكاد يقصر العلم عليهم فإن أدلة أهل الرسوم من المتكلمين وغيرهم متعارضة وكلماتهم متجاذبة فلا تكاد ترى دليلًا سالمًا من قيل وقال ونزاع وجدال، والوقوف على علم من ذلك مع ذلك أمر أبعد من العيوق وأعز من بيض الانوق:
لقد طفت في تلك المعاهد كلها ** وسرحت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلا واضعًا كف حائر ** على ذقن أو قارعًا سن نادم

فمن أراد النجاة فليفعل ما فعل القوم ليحصل له ما حصل لهم أولًا فليتبع السلف الصالح فيما كانوا عليه في أمر دينهم غير مكترث بمقالات الفلاسفة ومن حذا حذوهم من المتكلمين التي لا تزيد طالب الحق إلا شكا: {وَمَا كَانَ هذا القرءان أَن يَفْتَرِى مِن دُونِ الله ولكن تَصْدِيقَ الذي بَيْنَ يَدَيْهِ} من اللوح المحفوظ.
{وَتَفْصِيلَ الكتاب} [يونس: 37] الذي هو الأم، أي كيف يكون مختلقًا وقد أثبت قبله في كتابين مفصلًا ومجملًا: {بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39] ذم لهم بالمسارعة إلى تكذيب الحق قبل التأمل والتدبر والاطلاع على الحقيقة وهذه عادة المنكرين أهل الحجاب مع كلمات القوم حيث أنهم يسارعون إلى إنكارها قبل التأمل فيها وتدبر مضامينها والوقوف على الاصطلاحات التي ينبت عليها وكان الحرى بهم التثبت والتدبر والله تعالى ولي التوفيق. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41)}
بَرِحَ الخفاءُ، واستبانت الحقائق، وامتاز الطريقان، فلا المحسنُ بِجُرْمِ المسئِ مُعَاقَبٌ، ولا المسئُ بِجُرْمِ المحسن مُعاتَب، كُلُّ على حِدَةٍ بما يعملون وعلى ما يفعله مُحَاسَب. اهـ.